کد مطلب:109960 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:144

نامه 003-به شریح قاضی











ومن كتاب له علیه السلام

لشریح بن الحارث قاضیه

روی أنّ شریح بن الحارث قاضی أمیرالمؤمنین علیه السلام اشتری علی عهده داراً بثمانین دیناراً، فبلغه ذلك، فاستدعی شریحاً، وقال له:

بَلَغَنِی أَنَّكَ ابْتَعْتَ دَاراً بِثَمانِینَ دِینَاراً، وَكَتَبْتَ لَهَا كِتَاباً، وَأَشْهَدْتَ فِیهِ شُهُوداً.

فقال له شریح: قد كان ذلك یا أمیرالمؤمنین. قال: فنظر إلیه نظر مغضب ثمّ قال له:

یَا شُرَیْحُ، أَمَا إِنَّهُ سَیَأْتِیكَ مَنْ لاَ یَنْظُرُ فِی كِتَابِكَ، وَلاَ یَسْأَلُكَ عَنْ بَیِّنَتِكَ، حَتَّی یُخْرِجَكَ مِنْهَا شَاخِصاً، وَیُسْلِمَكَ إلَی قَبْرِكَ خَالِصاً. فَانْظُرْ یَا شُرَیْحُ لاَ تَكُونُ ابْتَعْتَ هذِهِ الدَّارَ مِنْ غَیْرِ مَالِكَ، أَوْ نَقَدْتَ الَّثمَنَ مِنْ غَیْرِ حَلاَلِكَ! فَإِذَا أَنْتَ قدْ خَسِرْتَ دَارَ الدُّنْیَا وَدَارَ الْآخِرَةِ! أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَیْتَنِی عِنْدَ شِرَائِكَ مَا اشْتَرَیْتَ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتاباً عَلَی هذِهِ النُّسْخَةِ، فَلَمْ تَرْغَبْ فِی شِرَاءِ هذِهِ الدَّارِ بِدِرْهَمٍ فَمَا فَوْقُ. والنسخة هذه: هذَا مَا اشْتَرَی عَبْدٌ ذَلِیلٌ، مِنْ مَیِّتٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرحِیلِ، اشْتَرَی مِنْهُ دَاراً مِنْ دَ ارِ الْغُرُورِ، مِنْ جَانِبِ الْفَانِینَ، وَخِطَّةِ الْهَالِكِینَ، وَتَجْمَعُ هذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ: الْحَدُّ الْأَوَّلُ یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْآفَاتِ، وَالْحَدُّ الثَّانِی یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْمُصِیباتِ، وَالْحَدُّ الثَّالِثُ یَنْتَهِی إلَی الْهَوَی الْمُرْدِی، وَالْحَدُّ الرَّابِعُ یَنْتَهِی إِلَی الشَّیْطَانِ الْمُغْوِی، وَفِیهِ یُشْرَعُ بَابُ هذِهِ الدَّارِ. اشْتَرَی هذَا الْمُغْتَرُّ بِالْأَمَلِ، مِنْ هذَا الْمُزْعَجِ بِالْأَجَلِ، هذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ، وَالدُّخُولِ فِی ذُلِّ الطَّلَبِ وَالضَّرَاعَةِ، فَمَا أَدْرَكَ هذَا الْمُشْتَرِی فِیَما اشْتَرَی مِنْهُ مِنْ دَرَكٍ، فَعَلَی مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ الْمُلُوكِ، وسَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ، وَمُزِیلِ مُلْكِ الْفَراعِنَةِ، مِثْلِ كِسْرَی وَقَیْصَرَ، وَتُبَّعٍ وَحِمْیَرَ، وَمَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَی الْمَالِ فَأَكْثَرَ، وَمَنْ بَنَی وَشَیَّدَ، وَزَخْرَفَ وَنَجَّدَ، وَادَّخَرَ واعْتَقَدَ، وَنَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ، إِشْخَاصُهُمْ جَمِیعاً إِلَی مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ، وَمَوْضِعِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ: إذَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ (وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ) شَهِدَ عَلَی ذلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَی، وَسَلِمَ مِنْ عَلاَئِقِ الدُّنْیَا.